وكالة قايتباي
أثر رقم (10)
بقلم (عماد حمدي)
وكالة قايتباي بشارع الجمالية |
الموقع:-
تقع
بشارع باب النصر إلى جوار هذا الباب على يمين الداخل إلى مدينة القاهرة عبر باب
النصر، وهي وكالة كبيرة واسعة، ولكن للأسف مسكونة حاليا كمنزل لبعض الأهالي ولذلك
نجد أنه تلاشى منها أجزاء كبيرة وهامة من عناصرها المعمارية[1]، وهي عبارة عن
بقايا لمثال مخزن تجاري يعود للعصر المملوكي الجركسي، ونجد أن تخطيط هذه الوكالة
لم يتغير فى العصور التالية[2].
المنشئ:-
ولقد
كان السلطان الملك الأشرف أبو النصر قايتباي من سلاطين دولة المماليك الجراكسة،
وكان محب للعمارة والفنون فأظهر ذوقا سليما ورفاهية بالغة من خلال آثاره الخالدة
في الشام وبلاد العرب وجميع أنحاء مصر، تولى قايتباي العرش في
(872هـ/شباط1468م)، وحكم بين (872 -901هـ/ 1468ـ 1496م)، وقد لقب بالأشرف وكان
عهده من أفضل عهود الشراكسة، لأن حكمه إستمر طويلا[3]، حيث حكم قايتباي مصر لمدة بلغت
تسعة وعشرين عاما، ولم يحكم أي سلطان من سلاطين المماليك تلك المدة أو أكثر منها
سوى الناصر محمد بن قلاوون الذي حكم مصر لمدة قربت من إثنتين وأربعين عاما[4].
وتعتبر وكالات
أو خانات السلطان قايتباي من أجمل النماذج لفن الزخرفة الإسلامية التي لازمت
العمارة الإسلامية، وكالة السلطان قايتباي بباب النصر تعود إلى عام (885هـ/1481م)، والغالب
على الظن أن تكون في تخطيطها وكذلك في محتوياتها المعمارية تتبع نظام الوكالات
التي شيدت في العصر المملوكي بشقيه البحري والشركسي ولكنها بالطبع أقرب إلى وكالات
العصر المملوكي الجركسي.
وكانت الوكالة مخصصة لسكنى التجار و المسافرين و الحجاج بالإضافة إلى السكن العادي و مزاولة الأعمال التجارية، و يتكون المبنى الأصلي من ثلاثة طوابق إنتظمت حول فناء داخلي رحب، وكان الدور الأرضي يشتمل على بئر و دورات المياه لخدمة العاملين بالمخازن، و قد نظمت على الشارع الخارجي محلات تجارية متنوعة بينما يشتمل الطابقان العلويان على وحدات السكنى.
يتكون الدور الأرضي من إيوان و دور قاعة و بيت أزيار و دورة مياه و سلم يؤدى إلى الطابق الثاني الذي يضم غرف النوم، وقد إندثرت الآن معالم هذه الوكالة و لم يعد باقيًا منها سوى واجهتها الخارجية، وتلك الواجهة هي الشمالية الشرقية) التي يقع بها المدخل)، والذي يتكون من دخلة على جانبيها مسطبتان، ويلي الدخلة جزء مربع يغطيها قبو مروحي يتوسطه شكل مثمن مشغول بزخارف هندسية.
وبالضلع الجنوبي الغربي منها دخلة متسعة معقودة بعقد مدبب يؤدى إلى داخل الوكالة، ملحق بالوكالة و هو سبيل يعلوه كتاب لتعليم الأيتام وقد إلتزم التصميم بالوظيفة[6]، حيث راعى الفصل التام بين الأنشطة التجارية و الخدمات بالطابق الأرضي والوحدات السكنية بالطوابق العلوية، كذلك تم الفصل بين مدخل الوكالة و المداخل الخاصة بالربع العلوي المخصص للسكن، وقد نظم مدخل الوكالة في محور الواجهة الشمالية الشرقية المطلة على الشارع بينما نظمت ثلاثة مداخل منفصلة للربع العلوي في أقصى طرفي الواجهة .
عقد المدخل الثلاثي |
إعتمد التشكيل الخارجي للمبنى بصفة عامة على التشكيل السطحي و ذلك بإستخدام الزخارف النباتية المتشابكة والهندسية في العقود، و يلاحظ أن الواجهة قد صممت بحيث تعبر عن تباين وظيفة الفراغات من خلفها، فنجد واجهة الحوانيت على هيئة داخلات تعلوها أعتاب مستقيمة شغلت بزخارف نباتية متشابكة بينما صممت واجهة الجزء السكنى على هيئة ثلاث نوافذ مستطيلة عل مستويين بكل طابق.
وقد تم تأكيد الكتلة البنائية للسبيل و الكتاب بإرتدادها عن باقي كتلة الوكالة، وقد تم معالجة واجهة السبيل معالجة مختلفة عن بقية الواجهة، ولكن بطريقة مشابهة للأساليب السابقة، وذلك من حيث وجود شبابيك التسبيل تعلوها واجهة الكتاب ذات البائكات المرتكزة على عمود أوسط تحمل عقود حدوة فرس .
إستعملت الحجارة الجيرية في بناء الحوائط الخارجية و الداخلية المطلة على الصحن، أما الآجر فقد إستخدم في بناء القواطيع الداخلي، وخاصة في منطقة الخدمات، و قد إستخدم الخشب للأسقف في الوحدات السكنية[7]، بينما إستخدمت القبوات الحجر في منطقة الحواصل وهذه مواد فضلاً عن كونها مواد طبيعية إنتشر إستخدامها في هذه الفترة، وذات تحمل للعوامل المناخية و البيئية كما توفر العزل الحراري المطلوب .
نوافذ الطوابق العلوية |
[1] عاصم محمد رزق : أطلس العمارة الإسلامية
والقبطية بالقاهرة ، الجزء الثاني ، آثار دولة المماليك البحرية ، القسم الثاني ،
الطبعة الأولى ، مكتبة مدبولي ، القاهرة ، 2003 ، ص803:802.
[3] مفيد الزيدي: موسوعة التاريخ الإسلامي،
العصر المملوكي، دار أسامة للنشر والتوزيع، عمان، 2003، ص123.
[4] مفيد الزيدي: موسوعة التاريخ الإسلامي،
ص124.
[5] محمد عبد الباقي إبراهيم: إعادة استثمار
المباني الأثرية ( وكالة قايتباي بالجمالية)، مشروع بحثي، جمعية المهندسين العرب،
مركز الدراسات التخطيطية والمعمارية، 1995، ص1.
[6] محمد عبد الباقي إبراهيم: إعادة استثمار
المباني الأثرية، ص1.
[7] محمد عبد الباقي إبراهيم: إعادة استثمار
المباني الأثرية، ص1.
إرسال تعليق