تطور العناصر
المعمارية للمباني الإسلامية في عصر الدولة الطولونية:
بقلم (عماد حمدي)
أروقة الصلاة (لوحة26):
يتكون
جامع أحمد بن طولون من شكل مربع تقريباً، ويتوسطه صحن أوسط مكشوف يحيط به من جميع
الجهات عدا جهة القبلة أروقة غير مسقوفة تعرف بالزيادة، وجاءت هذه الأروقة في شكل مستطيل وهو ما يتلائم مع صفوف
الصلاة، والدعامات والعقود موازية لجدار القبلة في ظلة القبلة واظلة الخلفية
(المقالبة لها) مما يؤكد شكل صفوف المصلين إلا أنها موازية للحوائط الخارجية في
الظلات الجانبية مما يفضلها فراغياً عن ظلة القبلة، وقد عملت النوافذ عالية عن
مستوى النظر مما يوفر الإضاءة والتهوية دون تشتيت ذهن المصلى.
أروقة جامع احمد بن طولون |
المداخل (لوحة27):
يحتوى جامع أحمد بن طولون على (42) باباً منها 21 باباً
بالمسجد الأصلي يقابلها مثلها في الزيادات، ويعتبر جامع أحمد بن طولون من المساجد
المعلقة إذ يصعد إلى أبوابه الداخلية بدرجات دائرية، وتوجد أربعة أبواب في صدر ظلة
القبلة كان يستخدمها الأمير وحاشيته لأن دار الإمارة كانت من هذه الجهة، وكانت
المداخل تؤدى مباشرة إلى الصحن عبر الظلات.
بعض مداخل جامع احمد بن طولون |
الصحن:
يتوسط جامع
أحمد بن طولون صحن مكشوف، ولهذا الصحن مهمة وظيفية إذ أنه يمد أروقة الصلاة
بالتهوية والإضاءة اللازمة لها، وكان حجم الصحن كبير بالمقارنة بصحن جامع عمرو بن
العاص، هذا وقد بنيت الميضأة خارج الصحن بجوار المئذنة للحفاظ على طهارة المسجد.
المآذن (شكل 36،35، لوحة28):
المئذنة الملوية بجامع سامراء بالعراق |
مئذنة جامع احمد بن طولون |
مئذنة جامع احمد بن طولون |
ظهر طراز
جديد لبناء المآذن في عصر أحمد بن طولون، إذ قام أحمد بن طولون ببناء مئذنة[1] جامعه بالزيادة الغربية وهى على نفس نمط المئذنة الملوية في جامع سامراء بالعراق،
وربما كان لنشأة أحمد بن طولون بالعراق تأثيراً في اختيار هذا النموذج للمئذنة أو
أنه عندما جاء إلى مصر لم يجد طرازاً واضحاً لبناء المآذن فاختار الطراز العالق في
ذهنه وهو طراز مئذنة جامع سامراء بالعراق.
المحراب (لوحة29):
المحراب الرئيسي بجامع احمد بن طولو |
يوجد بظلة القبلة خمسة محاريب[2] غير مجوفة عدا محراب القبلة الرئيسي الذى يتوسط جدار القبلة فهو مجوف وتعلوه قبة
خشبية.
الفوارة (لوحة30):
الفوارة بجامع احمد بن طولون |
يشير المقريزي في خططه إلى وجود فواره في وسط الصحن في جامع
أحمد بن طولون، وبالتالي كانت أول فوارة تقام في مساجد مصر، ولا نعنى بالفوارة هنا
الميضأة[3]،
وذلك لأن أجمد بن طولون أمر ببناء الميضأة بجوار المئذنة في الزيادة الغربية
للجامع وذلك لأنه أراد الحفاظ على المسجد طاهراً من النجاسات.
[1] تعتبر مئذنة أحمد بن طولون
الوحيدة في مصر ذات السلم الخارجي، وهي مكونة من أربع طبقات الأولى مربعة والثانية
مستديرة والثالثة على شكل مثمن أما الرابعة فتعلوها طاقية تكون معها شكل مبخرة،
وقد اختلف العلماء في تأريخ هذه المئذنة، فالبعض أرجح الطابق الأول والثاني إلى
أحمد بن طولون والطبقة الثالثة والرابعة من تجديد الأمير المملوكي حسام الدين
لاجين، والبعض الآخر يرجح أنه من تشييد حسام الدين لاجين، ويرى الباحث أن الرأي
الأول هو الصائب. للمزيد عن تفاصيل المئذنة انظر: فريد شافعى: العمارة العربية في
مصر الإسلامية، ص485:479.
[2] على أن ظاهرة تعدد المحاريب
وجدت قبل ذلك في المسجد الأموى بدمشق، ويرى الأستاذ حسن عبد الوهاب أن الحكمة من
تعدد المحاريب هو تعدد المذاهب وذلك اعتماداً على ما أثبته ابن كثير من أن الصحاب
تقى الدين بن مراحل ناظر المسجد الأموى عمل فيه محرابين للحنفية والحنابلة سنة
(764ه)، ومن المرجح أن المحاريب التي تضاف إلى المسجد بعد عمليات الترميم والتجديد
إنما تقوم مقام اللوحة التذكارية التي يثبت عليها تلك العمليات في الوقت الحاضر،
والدليل على ذلك أننا وجدنا في جامع أحمد بن طولون محرابين من عصر الدولة الفاطمية
وهي شيعة المذهب، ولكنهما وضعا عقب تجديدات أجريت للجامع في ذلك العصر. سعاد ماهر
محمد: مساجد مصر وأولياؤها الصالحون، الجزء ألأول، ص149.
[3] كانت هذه الفوارة توجد بوسط
صحن الجامع وتعلوها قبة مذهبة من جميع جوانبها وتقوم على عشرة عمد ويحيط بها ستة
عشر عموداً في جوانبها وكلها من الرخام، وفرشت أرضيتها من الرخام أيضاً، هذا وقد
احترقت هذه الفوارة في أوائل العصر الفاطمي في سنة (376هـ/986م)، ولم يبق منها شيء،
وأمر العزيز بالله في سنة (385هـ/995م) ببناء غيرها.
إرسال تعليق