مسجد وسبيل وكتاب
سليمان أغا السلحدار
(أثر رقم 382)
بقلم (عماد حمدي)
مسجد وسبيل وكتاب سليمان آغا السلحدار |
موقع
الأثر وتاريخه: -
يقع هذا الأثر بشارع المعز لدين
الله ، ويرجع تاريخ إنشائه إلى سنة (1253-1255هـ / 1837-1839م).
المنشئ:-
تعود هذه المجموعة إلى شخص يدعى
سليمان أغا السلحدار وكلمة (أغا – السلحدار) هى كلمتان فارسيتان تعنى الأولى (أغا) المسئول عن دخول وخروج السلطان أما الثانية (السلحدار) مقسمة إلى قسمين سلاح
ودار بمعنى مكان وأصبحت كلمة سلحدار تعنى المشرف على أسلحة الجيش[1].
منشئه فهو الأمير سليمان أغا
السلحدار الذى جاء إلى مصر صغيرا، وأخذ يترقى فى الوظائف حتى أصبح أمير لواء
السلاح فى عهد محمد على باشا، ويؤخذ عليه أنه إستولى على كثير من أنقاض المساجد
المتخربة وإدخالها فى منشآته، وقد أنشأ العديد من العمائر الأثرية التى لازالت
غالبيتها باقية حتى الآن ومنها هذا المسجد وقد ألحق به سبيلا وكتابا وكما أنشأ وكالة
فى خان الخليلى، ووكالة بجوار خانقاه بيبرس الجاشنكير والجامع الأحمر بالشارع
المسمى بذات الإسم[2].
هذا المبنى واحد من مواهب سليمان ' صانع الأسلحة، ' الذي كَانَ
مسؤول عن ترسانة المدينةَ أثناء عهدِ محمد علي[3].
التخطيط
وعناصر التكوين :-
يعتبر مسجد السلحدار من المساجد
المعلقة، فقد جرت العادة فى العصر العثمانى أن يستغل الطابق السفلى للجامع إذا كان
فى حى تجارى، فيبنى به حوانيت يصرف من ريعها على المسجد، ومن ثم إنتهز المعمار
وجود المسجد فى حى تجارى هام وهو حى الجمالية وسوق الليمون وقربه من باب الفتوح، فبنى
فى الطابق السفلى حوانيت ومدرسة وسبيل وميضأة .
يتبع المسجد فى تخطيطه المساجد
العثمانية بمدينة القاهرة التى تتكون من بيت صلاة بالجهة الجنوبية الشرقية مربع
المساحة مقسم إلى ثلاث بلاطات عن طريق صفين من البائكات يتقدمه صحن بالجهة
الشمالية الغربية يحيط به من الجهات الأربع رواق غطى بأقبية ضحلة ترتكز عقودها على أعمدة رخامية، يغطيه سقف خشبى فتح فى وسطه فتحة(شخشيخة) للتهوية
والإضاءة وحماية المسجد من الأمطار إذا سقطت[4].
وقد ألحق المعمارى بهذا المسجد سبيلا وكتابا
مقسما من الداخل إلى عدة حجرات أهمها حجرة التسبيل، وللمسجد ثلاث واجهات من الخارج
أهمها الواجهة الرئيسية المطلة على شارع المعز وأقام المعمارى عليها المئذنة التى
تعلو المدخل الرئيسى، وواجهتان فرعيتان تطلان على حارة برجوان[5].
الواجهة
الرئيسية:-
وتقع بالناحية الجنوبية الشرقية،
تطل على شارع المعز لدين الله حيث ضم إليها واجهة بوابة حارة برجوان وكأنها جزء
منها وضم إليها واجهة السبيل الذى جاء تحفة فنية من الرخام تشتمل على أربع فتحات
شبابيك معقودة يغشيها أحجبة معدنية مزخرفة بزخارف نباتية يعلو كل منها منطقة تاريخ
تشتمل على كتابات تركية ويتوج السبيل من أعلى رفرف خشبى مزخرف بزخارف نباتية
وهندسية متماثل مع الرفرف الخشبى الذى يتوج الواجهة الرئيسية.
كما شملت هذه الواجهة المئذنة التى
أقامها المعمارى على يمين كتلة المدخل الرئيسى، وهى تبدأ بقاعدة مربعة يعلوها
دورتان إسطوانيتان يفصل بينهما شرفة دائرية، ويعلو المئذنة قمة مخروطية يعلوها
قائم الهلال المعدنى.
وفتح بالمستوى الأول حانوت يجاوره
من ناحية اليمين باب للدخول إلى المسجد، ومن ناحية اليسار باب آخر يؤدى إلى السبيل،
وإلى يسار هذا الباب خمس دخلات بكل منها فتحة شباك مستطيلة غشيت بحجاب من الحديد،
كما يشتمل المستوى الثانى للواجهة على خمس فتحات شبابيك علوية مغشاة بحجاب من
الحديد، ويتوج الواجهة رفرف خشبى مائل به زخرفة نباتية وهندسية[6].
الواجهة
الشمالية الغربية :-
تطل هذه الواجهة على حارة برجوان أيضا،
وهى واجهة ليست على إستقامة واحدة، وقد فتح المعمارى بهذه الواجهة مدخلين آخرين أحدهما
يؤدى إلى دورة المياه والمسجد، أما الثانى فيقع بأقصى اليسار وهو مغلق حاليا، وقد أقام
المعمارى جدران المسجد العلوية فى هذه الواجهة على كوابيل حجرية بارزة حافظ بها
على إتساع الطريق، كما أقام عقودا مجوفة تحمل عليها حوائط بارزة.
المداخل
: -
لهذا المدخل أربعة مداخل يفتح إثنان
منهما على الواجهة الرئيسية بينما يفتح الثالث والرابع على حارة برجوان بالواجهة
الشمالية والجنوبية الغربية.
يقع المدخل الأول بأقصى يمين
الواجهة الرئيسية يغلق عليه باب خشبى من مصراع واحد خال من الزخرفة، يعلوه عتب
حجرة مزرر فوقه حشوة رخامية باللغة التركية دون عليها تاريخ إنشاء المسجد سنة (1253-1255هـ)، ويؤدى هذا المدخل إلى ممر مستطيل مسقوف بسقف خشبى يتقدمه منور للإضاءة.
المدخل الرئيسي للمسجد والسبيل والمطل على شارع المعز |
يقع المدخل الثانى فى منتصف الواجهة الجنوبية الشرقية ويؤدى إلى الطابق السفلى من المسجد وكذا السبيل وملحقاته، يفتح المدخل الثالث على حارة
برجوان من الجهة الشمالية الغربية للمسجد ويؤدى إلى ردهة صغيرة بنهايتها سلم حجرى
يوصل إلى دورة مياه ثم يستمر السلم فى الصعود حتى نصل إلى بابين يوصل الأيمن منهما
إلى داخل المسجد بينما يوصل الأيسر منهما إلى باب سكن إمام المسجد، ويفتح المدخل الرابع على حارة برجوان بالجهة
الجنوبية الغربية يفضى إلى السبيل وملحقاته[7].
المبنى
من الداخل :-
يتبع المسجد فى تخطيطه المساجد
العثمانية بمدينة القاهرة التى تتكون من بيت صلاه يتقدمه صحن.
صحن المسجد |
بيت
الصلاة:-
وهو مربع المساحة، يتكون من ثلاث
بلاطات تسير موازية لجدار القبلة بواسطة صفين من البائكات التى تحمل
عقودا ثلاثية ترتكز على أربع أعمدة من الرخام، يتصدر المحراب جداره
الجنوبى الشرقى وهو عبارة عن حنية نصف دائرية ويوجد أسفل طاقية
المحراب منطقة مستطيلة عليها شريط كتابى ويكتنف المحراب من الجهة
اليسرى فتحتا شباك مستطيلتان يغلق عليهما من الداخل ضلفتان من الخشب،
ومن الجهة اليسرى دخلة معقودة بها فتحة شباك مستطيلة، ويعلو الجدار الجنوبى الشرقى
لبيت الصلاة ست قمريات مستديرة [10].
بيت الصلاة |
البوائك المقسمة لبيت الصلاة |
المنبر:-
يقع المنبر على يمين المحراب، وهو
منبر خشبى يشتمل على باب المقدم والتى تقوم عليه قبة صغيرة لطيفة وإن كانت خالية
من الزخارف[11]،
وله جوسق يرتكز على أربعة قوائم خشبية، أما باب الروضة يغلق عليه باب خشبى من
مصراع واحد.
تفاصيل المحراب |
دكة المُبلغ:-
تتصدر دكة المُبلغ الجدار الشمالى الغربى لبيت
الصلاة وهى خشبية مستطيلة الشكل يعلوها درابزين من الخشب الخرط يصعد إليها من باب
فى الركن الشمالى الشرقى للصحن عن طريق درج بنى فى سمك جدار المسجد.
أما الجدار الجنوبى الغربى لبيت
الصلاة فيشتمل على فتحة باب مستطيلة يغلق عليها باب خشبى من مصراع واحد يفضى إلى
سلم صاعد يؤدى إلى المئذنة، ويفتح على هذا الجدار من الجهة العلوية خمس قمريات
مستديرة .
السبيل:-
يؤدى إليه المدخل الثانى بالواجهة
الرئيسية على يمين الداخل من هذا الممر توجد عدة غرف منها غرفة التسبيل وهى مربعة
المساحة تقريبا تأخذ فى تصميمها شكلا قريبا من النصف دائرى، يفتح بجدارها الجنوبى
الشرقى أربعة شبابيك تطل على شارع المعز يوجد بأرضية كل منها حوض رخامى إستخدم
لتخزين المياه وتبريدها، ويفتح بكل من الجدار الجنوبى الغربى والشمالى الشرقى
لغرفة التسبيل كتبية خشبية يغلق عليها مصراعان.
أما الجدار الشمالى الغربى لها يشغله أربع دخلات،
يغطى حجرة التسبيل سقف خشبى بسط يتوسطه صره عليها زخرفة نباتية، وغرفة الكتاب وهى
مربعة المساحة تقريبا تأخذ أيضاٌ فى تصميمها شكلا قريبا من النصف دائرى وقد خصصه
لتعليم الأطفال.
[1] القاهرة
التاريخية : شارع المعز لدين الله – الشارع الأعظم ، من اصدارات وزارة الثقافة
المصرية.
[5] القاهرة التاريخية : شارع المعز لدين الله –
الشارع الأعظم ، من اصدارات وزارة الثقافة المصرية.
وذلك لأن :-
1- الدولة العثمانية عند نشأتها فى
تركيا كانت دولة حرف فكان رمز الرماح والسهام أبرز الرموز التى كانت تسيطر على
فكرهم ولذلك أنشأوا المآذن على هذا الشكر المخروطى المدبب.
2- الجو فى أوروبا جو ثلجى يتساقط
فيه الجليد فى فصل الشتاء ولذلك روعى الشكل المدبب فى المبانى لعدم ثبات الجليد
فوق أسطح المنازل والمنشآت الأاخرى.
3- كذلك يعتمد الأتراك
العثمانيين هذا الشكل لأن دولتهم كانت إسلامية بين العديد من المدن المسيحية فى
أوروبا فأقاموا المئذنة بشكلها وإرتفاعها هذين لكى تكون علامة بارزة للدولة
الإسلامية فى أوروبا وأيضا لكى تضاهى المبانى الضخمة التى بناها الأوروبيون مثل
الكتدرائيات وأصبحت المساجد بمآذنها تضاهى الكتدرائيات بأبراجها فى أوروبا ،من
خلال ما ذكره د/محمد أحمد عبد اللطيف فى محاضرات الفصل الدراسى الأول لسنة 2012.
[9] سعاد ماهر:مساجد مصرو أولياؤها الصالحون , ج
5 ،ص 312
[11] سعاد
ماهر،مساجد مصر وأولياؤها الصالحون،ج5، ص312
إرسال تعليق