507575571559024578975075775024306753790756754506735719003007773507540230757057202507579075705795075730757636076770670676697076768076720206706706360790343707607570674938697202349307676

أهم العناصر المعمارية لعمارة عصر صدر الإسلام بمصر (جامع عمرو بن العاص)

أهم العناصر المعمارية لعمارة عصر صدر الإسلام بمصر (جامع عمرو بن العاص):

بقلم (عماد حمدي)
بيت الصلاة (رواق القبلة):
رواق القبلة بجامع عمرو بن العاص بالفسطاط

إن تخطيط بيت الصلاة في الجامع من الطراز العربي الأول نابعاً من البيئة العربية، ومن طبيعة أداء الصلاة الإسلامية، وقد استفاد تخطيط بيت الصلاة الأول من بعض التجارب للحضارات السابقة على الإسلام مثل تخطيط بعض الكنائس أو المعابد وغيرها ولكن حسبما تقضى به قوانين التأثير والتأثر بالحضارات، والحقيقة أنه رغم اختلاف تخطيط المسجد الجامع من هذا الطراز العربي من إقليم على اخر أو من مدرسة إلى أخرى، حيث يقترب التخطيط في مصر من الشكل المربع بينما بينما يأخذ في سوريا شكل المستطيل الأفقى، وفى المغرب شكل المستطيل العمودى، فإن بيت الصلاة في كل هذه التخطيطات يظل له شكل المستطيل الأفقي بمعنى أن طول جدار القبلة الذى يمثل امتداد الصف أطول من العمق الذى يمثل عدد الصفوف[1].



وكان بيت الصلاة في بادئ الأمر عبارة عن سقيفة من الجريد المكسو بالطين على عمد من جذوع النخل، وتطور الأمر بعد ذلك وأصبحت تتكون من عدد من البائكات تحصر فيما بينها عدة بلاطات أو أروقة، بلغ عددها ثلاثة أروقة في المسجد النبوى عند وفاة رسول الله ﷺ، وكانت هذه الأروقة موازية لجدار القبلة، هذا وقد بنى جامع عمرو بن العاص بالفسطاط على نفس نمط المسجد النبوى بالمدينة المنورة، وكان المسقط الأفقى للمسجد في أول عهده عباره عن ظلة واحدة مستطيلة المسقط وهو ما يتناسب مع شكل صفوف المصلين.

المداخل:
المدخل التذكاري لجامع عمرو بن العاص بالفسطاط

المدخل هو الفتحة أو الباب الذى يدخل منه إلى المنزل ونحوه، وهو عنصر معمارى وجد منذ أن اهتدى الإنسان للبناء، وقد لعبت المداخل دوراً هاماً في تكوين واجهات العمائر الإسلامية، وكونت عنصراً معمارياً وزخرفياً بالغ الأهمية([2])، ووجدت المداخل في جامع عمرو في حوائط المسجد ما عدا حائط القبلة، وبلغ عددها ستة مداخل، إذ كان يوجد بكل ضلع من أضلاع الجامع مدخلان، ولم تكن له أبواب وكانت هذه المداخل بسيطة في بادئ أمرها وخالية من أي معالجات معمارية[3].




الصحن (الفناء):
لم يكن التصميم الأول للجامع يحتوى على صحن، ولكن حدثت للجامع عدة زيادات في العصر الأموى تم خلالها إنشاء الصحن وزيادة عدد الظلات وأصبح الصحن يتوسط ظلات الصلاة الأربع ثم عملت ميضأة في منتصف الفناء.
صحن جامع عمرو بن العاص بالفسطاط

المئذنة:

مئذنة جامع عمرو بن العاص بالفسطاط

المئذنة جمع مآذن وهى موضع الآذان للصلاة[4]، ولم تكن المئذنة معروفة في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان المؤذن ينادي للصلاة من على سطح المبنى[5]. هذا وقد اختلفت الآراء في أصل نشأة المئذنة فهناك من قال بأنها المآذن في العمارة الإسلامية لأول مرة في دمشق حين أذن بالصلاة من أبراج المعبد القديم[6] الذى قام فيما بعد على أنقاضه المسجد الأموى، وكانت هذه الأبراج هي الأصل الذى بنيت على منواله المآذن الأولى في العمارة الإسلامية[7]، وقيل أيضاً أول مئذنة أقيمت في الإسلام كانت في أركان جامع عمرو بن العاص بالفسطاط عام (52هـ/673م) من الطوب اللبن وهى أيضاً لها نفس الأصل المعمارى وهو أبراج المعبد القديم الذى أقيم المسجد الأموى بدمشق على أساسه.

وقد أشار المقريزي عند الكلام على إعادة بناء جامع عمرو إلى بناء المآذن في مصر لأول مرة، ولكن الثابت أن المآذن الأولى التي شيدت أبراج مربعة وأن هذا الطراز في بناء المآذن انتقل إلى سائر بلاد العالم الإسلامي، ولا يزال هذا الطراز سائداً في المغرب، وفى مصر انتشرت طرز مختلفة من المآذن حتى يمكن اعتبار القاهرة مركزاً لمعظم أنواع المآذن التي عرفتها العمارة الإسلامية ولذلك سيمت القاهرة بالمدينة ذات الألف مئذنة[8]، هذا وقد اثبتت معظم الدراسات أن المئذنة وحدة معمارية إسلامية أصيلة لم تقتبس من معبد أو كنيسة كما ذهب أغلب المستشرقين وتلاميذهم، وإنما أنشأها المعماري المسلم على وعى وإدراك بمتطلبات عقيدته الدينية[9].



المحراب:
نموذج محراب بسيط

المحراب بالنسبة للمسجد هو مقام الإمام وموضع انفراده فيه[10]، والتخطيط الأول لجامع عمرو بن العاص لم يكن به محراباً، وقد تم إضافة المحراب للجامع أثناء الزيادة التي قام بها الوالى الأموى قرة بن شريك وقد كان محراباً غائراً في جدار القبلة[11].

المنبر:
المنبر جمع منابر وهو مرقاة يرتقيها الخطيب أو الواعظ في المسجد وغيره، وقد سمى منبراً لعلوه وارتفاعه[12]، وجد المنبر في أصل تخطيط جامع عمرو بن العاص، ولكن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب أمره بتكسيره وكتب إليه قائلاً "أما يكفيك أن تقوم قائماً والمسلمون جلوس تحت عقبيك فكسره[13]، ويقال أن عمرو بن العاص اعاده بعد وفاة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب"[14].




[1] سعد زغلول عبد الحميد: العمارة والفنون، ص247.
[2] عاصم محمد رزق: معجم مصطلحات العمارة، ص267.
[3] شوكت محمد لطفى عبد الرحمن القاضي: العمارة الإسلامية في مصر، ص59.
[4] عاصم محمد رزق: معجم مصطلحات العمارة، ص307.
[5] صالح لمعى مصطفى: التراث المعمارى الإسلامي، ص30.
[6] وهذا المعبد هو معبد قديم كان فلإله جوبيتر، وكان تخطيط المعبد مستطيل الشكل، يقوم في كل ركن من اركانه الأربعة برج مربع وهذه الأبراج الأربعة استخدمت كمآذن لأول مرة في الإسلام، والحقيقة أن واحداً منها هو الذى بقى سليماً، وهو الجنوبى الغربي، وقد علته مئذنة مملوكية بناها السلطان قايتباي سنة (894ه/1488م) وكان قد بنى إزاءها في الركن الجنوبى الشرقي مئذنة حوالى (741ه/1340م) وإلى جانب المدخل الشمالي توجد منارة ثالثة ترجع إلى نهاية القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي، وهى المئذنة الإسلامية الحقيقية في جامع دمشق كما يري كريسويل، هذا وقد أطلق على المآذن عدة أسماء منها الصوامع وتعود تلك التسمية لأبراج الزهاد عن العرب، كما أطلق عليها منائر تشبيهاً لها بمنارة الإسكندرية القديمة، وأصبحت تقوم بوظيفة المنارة أي الهداية والإرشاد للمسجد، وخاصة في الليل، وعلى الأخص في شهر رمضان حيث كان يقع على المسجد الجامع واجب الإعلان عن وقت الإفطار مساء ووقت الإمساك سحرا، وهكذا كانت تشغل القناديل في رأس المنارات مساءاً إيذاناً بحلول الإفطار، فيفطر الناس بعيداً على ضوء المنارة، كما يمسكون عن الطعام عندما ينطفئ ضوء القنديل سحراً، وهكذا استحقت المئذنة اسم المنارة بعد أن مارست وظيفة هذه الأخيرة من حيث الإعلان عن وقت الإفطار أو الإرشاد عن موضع الجامع ليلاً. للمزيد عن أصل نشأة المئذنة انظر: سعد زغلول عبد الحميد: العمارة والفنون، ص268:258. ثروت عكاشة: القيم الجمالية، ص137:128. صالح لمعي مصطفى: التراث المعماري الإسلامي، ص33:30. محمد عبد العزيز مرزوق: مساجد القاهرة قبل عصر المماليك: ص13:11.
[7]توفيق أحمد عبد الجواد: تاريخ العمارة والفنون الإسلامية، تنسيق وترتيب مادة علمية: صباح أحمد عبد الجواد، الجزء الثالث، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 2010، ص72-73.
[8] توفيق أحمد عبد الجواد: تاريخ العمارة والفنون، ص73.
[9] محمد أحمد عبد اللطيف: موسوعة المآذن العثمانية، المجلد الأول،، دار الوفاء للنشر والطباعة، الإسكندرية، 2011، ص27.
[10] عاصم محمد رزق: معجم مصطلحات العمارة، ص262.
[11] فريد شافعي: العمارة العربية في مصر الإسلامية في عصر الولاة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1994، ص365.
[12] عاصم محمد رزق: معجم مصطلحات العمارة، ص302.
[13] سعاد ماهر محمد: مساجد مصر، الجزء الأول، ص64.
[14] وفي ذلك قيل أن المنبر يمثل كرسي الأسقف في الكنيسة الكبرى (الكاتدرائية)، وعرش الملك معاً، وهى الوظيفة المزدوجة للخلفاء، والمهم من ذلك هو أن ترك الدرجة العليا للمنبر شاغرة بعد أنم زادت درجاته وتكاملت عناصره صارت سنة متبعة يسير عليها الخلفاء إجلالا للمكان الذى كان يحتله النبي من أعلى المنبر، وإن كان البعض يجعل لهذا الأمر مغزى رمزي يربطه بفكرة الإمام المنتظر، وفى ذلك يقول بوركارت: إن الدرجة العليا الخالية تمثل الوجود الغير مرئى للعقل في البوذية والمسيحية أو الوجود الخفى للمبعوث الإلهى. للمزيد عن تأصيل نشأة المنبر انظر: سعد زغلول عبد الحميد: العمارة والفنون، ص271:268.






تعليقات
لايوجد تعليق