507575571559024578975075775024306753790756754506735719003007773507540230757057202507579075705795075730757636076770670676697076768076720206706706360790343707607570674938697202349307676

الناصر محمد بن قلاوون تولى الحكم فى سن الخامسة والعشرين وحكم 41 عام وحول مصر إلى حاضرة العالم فى عصره وحقق من الرخاء والتقدم ما لم يحققه حاكم قبله

بقلم / عماد حمدي

تولي السلطان الناصر محمد بن قلاوون السلطة:-
       تولى السلطان الناصر محمد بن قلاوون حكم مصر فى سلطنته الأولى عام (693هـ/1293م) وكلنه كان ما زال طفلاً صغيراُ إذ لم يتعدي التاسعة من عمره، وقد عزل السلطان الصغير من السلطنة عام (694هـ/1294م) وحل محله العادل زين الدين كتبغا بعد حكم دام لعام واحد، ثم تولى الناصر محمد بن قلاوون حكم مصر مرة أخرى عام (698-708هـ/1298-308م) وقد دامت مدة حكم الناصر محمد فى تلك المرحلة عشر سنوات ولكن نظراً لقلة خبرته لصغر سنه فقد تآمر عليه المماليك حتى فكر فى الهروب من السلطنة وخرج من مصر واستقر فى حصن الكرك وذلك فى عام 708هـ/1308م.



الشدة والحزم مع المتآمرين:-
       كان الناصر محمد بن قلاوون عندما ولى السلنطة للمرة الثالثة عام 709هـ/1309م في الخامسة والعشرين من عمره، أي في سن تمكنه من مباشرة شئون الحكم بنفسه، وكان أن بدأ بمعاقبة الأمراء الذين سبق لهم أن استخفوا به وآذوه، فقبض على بيبرس الجاشنكير عند غزة وهو يحاول الفرار، وأعمده بعد ان عنفه وذكره بمواقفه منه، أما سلاؤ، فقد ألقي به في السجن حتى مات، وهكذا تنبه الناصر محمد في تلك المرة إلى مطامع الأمراء، فصار كلما سمع بتآمر أمير أو شك في تصرفاته، تخلص منه في الحال أو أقصاه عن الوظائف العامة، وصارت سياسته تجاه كبار رجال الدولة بوجه عام، هي أن يقرب الواحد منهم، حتى اذا أحس أن نفوذه تخطي الحد الذي ينبغي أن يقف عنده، تخلص منه فوراً، فيذكر المقريزي أن الناصر محمد بن قلاوون " كان إذا كبر أحد من أمرائه قبض عليه، وسلبه نعمته وأقام بدله صغيراً من مماليكه إلى أن يكبر فيمسكه ويقيم غيره ليأمن بذلك شرهم".

نجاحاته الخارجيه:-
       وقد دام حكم الناصر محمد بن قلاوون في سلطنته الثالثة احدي وثلاثين سنة، وهي مدة طويلة لم يدانيه فيها سلطان آخر من سلاطين المماليك، ويمثل ذلك العصر بالذات أعظم حلقات تاريخ عصر المماليك ازدهاراً وأكثره رقيا واستقراراً، ذلك أن نفوذ الناصر محمد امتد من المغرب غرباً حتى الشام والحجاز شرقاً، ومن النوبة جنوباً حتى آسيا  الصغري شمالاً، وقد أرسل الناصر محمد بن قلاوون حملة إلى النوبة في عام 704هـ/1305م في سلطنته الثانية، ثم أرسل اليها حملتين سنة 715-716هـ/1315-1316م في سلطنته الثالثة، وتمكنت هاتين الحملتين من إقامة أول ملك مسلم على أهل النوبة حاكماً على تلك البلاد، واسمه عبد الله برشنبو، وإذا كانت أحوال مملكة النوبة لم تستقر بعد ذلك، مما تتطلب من السلطان الناصر محمد ارسال حملة جديدة اليها سنة 733هـ/1323م، الا انه من الملاحظ أن بلاد النوبة أخذت منذ ذلك الوقت تفقد طابعها المسيحي تدريجياً، لتتخذ مسحة إسلامية عربية.

الرخاء الإقتصادي فى عهده:-
        أما في الداخل فقد كان عهد الناصر محمد بن قلاوون عهد رخاء واستقرار وعمران، فأقام الناصر محمد كثيراً من المنشآت مثل المساجد والقناطر والجسور وغيرها، ومن منشآته الشهيرة المدرسة الناصرية، والمسجد الذي شيده بالقلهة، والخانقاة التي أقامها في سرياقوس، هذا فضلاً عن المؤسسات التي جددها مثل البيمارستان المنصوري الذي كان والده قد شيده عام 688هـ/1289م، وقد وصف المقريزي السلطان الناصر محمد بن قلاوون قائلا " كان محباً للعمارة، وبلغ مصروف العمارة في كل يوك من أيامه سبعة الآف درهم فضة"، اما ابن أبيك فقد ذكر قائمة طويلة بأسماء الجوامع التي أقيمت في مصر والقاهرة فضلاً عن الممالك الشامخة في عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون، وهكذا قضي الناصر محمد فترة حكمه الطويل في الإصلاح والإنشاء والتعمير الأمر الذي جعل المؤرخين والرحالة المعاصريين يشيدون بسيرته وعظمته.



رفع المعاناة عن الفقراء والبسطاء:-
        وقد أزاح الناصر محمد عن كاهل الناس الضرائب المرهقة وقضى على اقطاعات الأمراء التي كانت تنقص من دخل الحكومة، ومسح الأراضي المصرية، وأعاد النظر في مصروفات دواوين الحكومة فكانت كل هذا من الإصلاحات المفيدة في تلك الأيام، ولما نكبت البلاد بقحط شديد جلب اليها الغلال من بلاد سوريا وحتم عىل الأغنياء أن يبيعوا ما في مخازنهم من الغلال بأسعار محدودة، وهذه الطريقة سهلت لعامة الناس الحصول على أقواتهم بدون عناء كبير، وقد أدت أعمال الناصر محمد العامة التي كثرت في طول البلاد وعرضها إلى رخاء البلاد وفلاحها ونماء ثروتها وحسن رونق حاضرة الملك فيها.

القضاء على الفتنة الطائفية:-
        وقد قضى الناصر محمد على فتنة طائفية كادت أن تشتعل بين المسلمين والمسيحين إذ أنه في عام 1314 وقع حادث مشئوم آثار عواطف الذين كانوا متحفزين للوثوت على المسيحين وذلك أن المسيحين استعاروا بسطاً ومصابيح من أحد المساجد للاحتفال بعيدهم، فقام أحد المتعصبين وعصبه له وهاجم المسيحين وهم بتعبدون وخرب كنيستهم، فلما علم السلطان بذلك حنق عليه وهدده بقطع لسانه ثم هدأت أخيراً سورة غضبه وصرف الجاني بعد أن حذره من العودة إلى مثل هذا العمل، وقد كان الناصر محمد متسامحاً جدا مع المسيحين وقد ولى في عصره ثلاثة وزراء من المسيحين.

سماته الشخصية:-
         كان الناصر محمد بن قلاوون مغرماً بالخيل وكل أنواع الحيوان فصرف في اقتنائها هي وصقور الصيد مقادير باهظة، ورغم كل ذلك الرخاء الاقتصادي إلا أن الناصر محمد بن قلاوون كان لا يميل إلا الزخرف في لباسه، وكان قصير القامة، على عينه نقطة وأعرج لا يمشي إلا متوكئاُ على عصا أو خادم، وقد ترك كل ما يتحلى به الملوك من الملبس أو المتاع، وقد تلقى الناصر محمد بن قلاوون علوم الفقه والقانون في دمشق ونال شهادة فيها، ولذلك كان يشارك العلماء في كل أمر يفيضون فيه، وفى عام 1341م مرض السلطان الناصر محمد بن قلاوون مرضاً شديداص وتوفى فى عمر 57 بعد أن حكم مصر ما يربو من 41 عاما مليئة بالإنجازات.







تعليقات
لايوجد تعليق