تطور المحراب فى عصر صدر الإسلام :
بقلم / عماد حمدي
محراب مدرسة الأشرف برسباي بشارع المعز، القاهرة |
المحراب بالنسبة للمسجد هو مقام الإمام وموضع انفراده فيه([1])،
والتخطيط الأول لجامع عمرو العاص لم يكن به محراباً، وقد تم إضافة المحراب
للجامع أثناء الزيادة التي قام بها الوالى الأموى قرة بن شريك وقد كان محراباً
غائراً في جدار القبلة([2]).
نموذج محراب بسيط |
تطور المحراب فى عصر الدولة الطولونية:
يوجد بظلة القبلة خمسة محاريب([3])
غير مجوفة عدا محراب القبلة الرئيسي الذى يتوسط جدار القبلة فهو مجوف وتعلوه قبة
خشبية.
المحراب الرئيسي بجامع أحمد بن طولون، مصر |
تطور المحراب فى عصر الدولة الفاطمية :
وفى العصر الفاطمي
عملت بمصر محاريب خشبية متنقلة مثل محراب الخليفة الآمر (519هــ/1125م) بجامع
الأزهر كما وجد محراب خشبي في مشهد السيدة رقية، ويوجد المحرابان السابق
الإشارة إليهما حالياً بمتحف الفن الإسلامي بالقاهرة، إلا أن اقدم هذه
المحاريب الخشبية وجد في جامع القيروان بتونس، وبجانب المحاريب الخشبية وجدت
محاريب جصية في العصر الفاطمي، فنرى أقدم مثال لها في جامع الأزهر عام (361هــ/972م)،
هذا ولم تعمل محاريب جصية بعد عام (703هــ/1304م)، ومن هذه المحاريب نماذج بلغت
منتهي الرقي مثل المحراب المستنصري سنة (487هـ/1094م) بالجامع الطولونى،
ومحراب مشهد إخوة يوسف سنة (478هــ/1085م)، وقد انفرد هذا المشهد بتخطيطه وبدقة
وتنوع زخارفه وكتاباته، كما امتاز بوجود دعائم في جانبيه انتهت قمتها بقبة مصغرة لقبته
الكبيرة فوق المحراب([4])،
وفى هذا العصر تم التأكيد على موقع المحراب ببروز كتلته عن سمت الجدار لتأكيده.
المحراب الخشبي المتنقل بمشهد السيدة رقية، القاهرة |
تفاصيل المحراب الخشبي المتنقل بمشهد السيدة رقية |
المحراب المستنصري بجامع أحمد بن طولون |
تطور المحراب فى عصرالمماليك :
أما في العصر المملوكي
البحرى والجركسي فقد كسيت المحاريب بالرخام، واستعلمت أيضاً الفسيفساء الرخامية
بأشكال هندسية ونباتية بديعة، تدل على مدى التقدم الذى وصلت إليه هذه الصناعة، وقد
استمرت هذه التكسيات أيضاً في العصر العثمانى، وقد طليت الأسطح الرخامية في بعض
المحاريب بماء الذهب حيث وجدت آثار تذهيب على محراب مدرسة برقوق النحاسين، كذلك
وجدت في العصر المملوكي محاريب حجرية بدون تكسية، مثل محراب مدفن يونس الدودار
(783-784هـ/1382م) ومحراب خانقاة فرج بن برقوق، وفى نهاية العصر المملوكي الجركسي
وجدت محاريب حجرية مزينة بزخارف نباتية وهندسية بارزة في الحجر، مثل محراب مدرسة
قايتباي بالقرافة الشرقية (877-879هـ/1472-1474م) ومحراب مدرسة ازبك اليوسفي (900هـ/1494-1495م).
محراب مدرسة برقوق بشارع المعز، القاهرة |
محراب خانقاة فرج بن برقوق |
وقد يوضع المحراب في
قوصرة، وأول مثال له على هذه الصورة في مصر، نجده في مدفن قلاوون، إلا أنه يوجد
مثال سابق عنه في المسجد الأموى بدمشق، وقد تعددت المحاريب في بعض المباني بحائط
القبلة، وعلى سبيل المثال مشهد السيدة أم كلثوم (640-641هـ/1241-1242م)، ويرجح أن
تعدد المحاريب بالمسجد يرجع إلى تخصيص محراب لكل مذهب سائد، حيث أنه من المعروف أن
تقى الدين بن مراجل ناظر المسجد الأموى بدمشق قد قام بعمل محرابين جانبين في عام
(728هـ/1328م) لكل من المذهب الحنفى والحنبلي([5]).
محراب مدرسة قلاوون بشارع المعز، القاهرة |
([2]) فريد شافعي،
العمارة العربية في مصر الإسلامية في عصر الولاة، الهيئة المصرية العامة للكتاب،
القاهرة، 1994، ص365.
([3]) على أن ظاهرة تعدد المحاريب وجدت قبل ذلك في المسجد الأموى بدمشق، ويرى الأستاذ حسن عبد الوهاب أن الحكمة من تعدد المحاريب هو تعدد المذاهب وذلك اعتماداً على ما أثبته ابن كثير من أن الصحاب تقى الدين بن مراحل ناظر المسجد الأموى عمل فيه محرابين للحنفية والحنابلة سنة (764هـ/1362م)، ومن المرجح أن المحاريب التي تضاف إلى المسجد بعد عمليات الترميم والتجديد إنما تقوم مقام اللوحة التذكارية التي يثبت عليها تلك العمليات في الوقت الحاضر، والدليل على ذلك أننا وجدنا في جامع أحمد بن طولون محرابين من عصر الدولة الفاطمية وهي شيعة المذهب، ولكنهما وضعا عقب تجديدات أجريت للجامع في ذلك العصر. سعاد ماهر محمد، مساجد مصر وأولياؤها الصالحون، ج1، ص149.
([4]) حسن عبد الوهاب، مميزات العمارة الإسلامية، ص178.
([5]) صالح لمعى مصطفى، التراث المعمارى الإسلامي، ص 45.
إرسال تعليق