إن وصف استرابون لهذه المنطقة في كتابه يوضح أن هذه المنطقة كانت منعزلة تماما عن المدينة حيث يقول: "إذا خرج الإنسان عن طريق الباب الكانوبي، فإنه ينحدر إلى يمين الترعة التي تتجه نحو كانوب على حافة ىالبحيرة، ويذهب الإنسان مع هذه الترعة إلى شيديا متبعاً الفرع الذي يمضي ليتصل بالنهر الكبير، وإلى كانوب وكلنه يقابل أولاً (اليوزيس)، الواقعة بالقرب من الإسكندرية، ومن (نيكوبوليس) على نفس شاطئ الترعة الكانوبية، وهي تشمل أماكن لهو ومتعة، ومساكن في موقع بديع، يؤمها أولئك الذين يبحثون عن المتعة من الرجال والنساء، وهناك يبدأ نوع من حياة الانحلال التي يحياها القوم في كانوب".
وهذه المنطقة التي وصفها استرابون بين الباب الكانوبي من ناحية اليمين وفرع الترعة عند سفح المرتفعات الجنوبية في نيكوبوليس لابد وان تكون منطقة الحضرة حيث أنها المنطقة الوحيدة التي يري الإنسان فيها أسوار اساسات قديمة وخزانات وقنوات جوفيه مما يدل على قيام مركز سكني كبير، وترتفع أرض هذه المنطقة المثلثة الشكل أكثر من اثني عشر متراً فوق مستوى سطح البحر كما توضح خريطة الفلكي، ويقع مركز هذه الأرض المرتفعة على بعد 1500 متر تقريباً شرق الباب الكانوبي وعلى بعد 2200 متر جنوبي مسجد سيدي جابر القريب من البحر.
ويتحدث الفلكي عن معبد كبير لا يزال الإنسان يري بقاياه في أعماق الوادي، وهذه المعبد يقع على مسافة 180متر تقريبا غربي النقطة الواقعة على امتداد الشارع الكانوبي، على مسافة 700متر خارج الباب، ويبلغ عرضه أربعة بليترات تقريباً، وطوله استاد واحد ويحاذي اتجاه الشوارع الطولية، ويري هناك عدد من قواعيد التماثيل في مكانها الأصلي ومن رؤوس الأعمدة وكلها من الجرانيت الأحمر، ويبدو أن هذه المعبد كان أحد معبدين شيدا في نيكوبوليس وقد تسبب بناء هذين المعبدين في هجر بعض معابد أخرى قديمة كانت أقيمت بالمدينة وهذا يؤكده استرابون حين يقول:
" في داخل الترعة يوجد القيصرون وأماكن مقدسة أخرى شيدت قديماً، وقد هجرها الناس تقريبا منذ إنشاء معابد نيكوبوليس حيث يوجد المسرح الدائري والإستاد وتقام المباريات التي يحتفل بها كل خمس سنوات"، وعلى هذا فقد اعتبر استرابون كل الأرض الواقعة بين ضاحية نيكوبوليس والمدينة جزء من الضاحية ذاتها، وبما أن هذه المنطقة كان يقام بها الألعاب فإنها تحتاج إلى مساحة كبيرة تقام عليها هذه الألعاب وهذه الضاحية هي الوحيدة التي توفر هذه المساحة المتسعة التي تستوعب كل الحاضرين الذين يبلغ عددهم – طبقاً لما رواه الكتاب العرب – مالا يقل عن مليون شخص كل سنة، وعلى ذلك نلاحظ أن الاسم المسمي به هذه المنطقة هو "الحضرة" تدل على الحضور والاجتماعات والمواعيد، مما يدعونا إلى القول بأن استرابون في كتابه كان يقصد هذه المنطقة دون غيرها.
إرسال تعليق