البدايات الأولى لتأسيس المدينة:
يحدثنا المؤرخ استرابون "وهو مؤرخ
وجغرافي يوناني الجنسية ولد في عام 63/64 قبل الميلاد، في مدينة أماسيا في بونتوس،
وقد جمعت عائلته ثروة طائلة أتاحت له أن يفرخ للبحث والدرس وأن يبعد في رحلاته في عصر
كانت الرحلات فيه باهظة التكاليف، وقد تلقى تعاليمه على يد أرسطو ديموس في نيسا
بالقرب من تراليس في آسيا الصغري، وقد ذهب استرابون إلى روما في عام 44 ق.م في رحلة
دراسية ثم استقر فيها منذ عام 35 ق.م، وقد زار مصر عام 24/25 ق.م بدعوة من صديقه
الوالي الروماني الثاني في مصر وهو ايليوس جاللوس وأفرد لهذه الزيارة الكتاب
السابع عشر من مؤلفه "الجغرافية".
فيحدثنا المؤرخ استرابون أنه في لحظة تأسيس مدينة الإسكندرية وعند تخطيط شوارع المدينة استخدمت كميات من الجير المتاح في المنطقة وكلنه نفذ قبل أن يتم تخطيط كل الشوارع لذا فقد استعان المهندس دينوقراطيس بالقمح الخاص لطعام الجنود لتخطيط بقية الشوارع، وقد تحدث استرابون عن ملائمة الموقع الذى اختاره الإسكندر، فالمكان محفوف بمياة البحرين إذ من الشمال تحف به مياة البحر الذى يسمي البحر المصري ومن الجنوب مياة بحيرة مارية وتسمي أيضاً بحيرة ماريوطيس (مريوط)، ويملأ النيل هذه البحيرة بواسطة قنوات عديدة من أعلى ومن الجوانب، وكانت البضائع التي تحمل اليها عن طريق هذه القنوات أكثر بكثير من التي ترد اليها عن طريق البحر حتى أن الميناء الواقع على البحيرة كان أغنى من الميناء البحري.
معني ذلك أنه كان هناك ميناء بحري يرجع
إلى ما قبل عصر الاسكندر، وهو ميناء كيبوتوس الذى كان موجوداً بالقرب من قرية
راقوده حيث يصب في هذا الميناء فرع النيل من الجنوب والذى يمثل مدخله الجنوبي في حين
أن مدخله الشمالي كان يقع على البحر المتوسط، ويعني ذلك أيضاً أن المهندس دينوقراطيس
وجد راقوده كقرية صغيرة أو مجموعة من القري فآثر أن يتركها في موضعها ويخطط باقي
المدينة إلى الشرق منها، أي أن الاسكندر عندما أتى إلى ذلك الموقع وجد تواجد سكاني
في راقوده وعلى ذلك يمكننا أن نستنتج ما يلي:
أولاً:أن الإسكندرية القديمة قد أسست على أساس
المساحة الخالية أو الفراغ الذي تشغله قرية راقودة واستمرت راقودة كحي وطني
للمصريين المقمين قبل مجيئ الإسكندر إلى مصر.
ثانياً:أن
الإسكندرية كانت تشمل في تخطيطها الأصلي المباني الهامة واللازمة للمدينة ولكن بعد
عقدين من الزمان واتخاذها عاصمة زادت المباني العامة (مقبرة الإسكندر- المتحف-
المكتبة- القصور الملكية) هذا بالإضافة إلى العديد من المعابد وخاصة معابد الثالوث
المقدس (سيرابيس – إيزيس- حربوقراط).
هذا وقد أخذت مدينة
الإسكندرية في الاتساع خاصة ناحية الشرق وذلك مع زيادة عدد السكان حتى تجاوزت
ضواحيها الشرقية مناطق كثيرة مثل ( الشاطئ- كامب شيزار- الإبراهيمية- مصطفى كامل
حتى كانوب (أبوقير).
إرسال تعليق