507575571559024578975075775024306753790756754506735719003007773507540230757057202507579075705795075730757636076770670676697076768076720206706706360790343707607570674938697202349307676

حضارات نقادة "الأولى والثانية والثالثة"

حضارة نقادة الأولى 
بقلم (عماد حمدى)
مقدمة:
الموقع:
تقع مدينة نقادة بمحافظة قنا، وهي توجد على الشرطئ الغربي لنهر النيل العظيم، هذا وتبعد نقادة حوالى 25 كم شمال مدينة الأقصر كما أنها تبتعد عن مدينة قنا بنحو 31 كم جنوباً.

نقادة والحضارة المصرية القديمة:
إن لمدينة نقادة حضارة كبيرة تعود إلى حوالى 4400 قبل الميلاد وهى الحضارة التى تلت حضارة البدارى، واستمرت لحوالى 3000 قبل الميلاد أى أن هذه الحضارة العريقة استمرت لفترة اقتربت من الأربعة عشرة قرناً من الزمان هذا وقد قسم العلماء هذه الحضارة لثلاث مراحل زمنية مختلفة، تكونت بها ثلاث حضارت منفصلة وهي "حضارة نقادة الأولى، حضارة نقادة الثانية، حضارة نقادة الثالثة".
وبصفة عامة فقد اشتهرت حضارة نقادة فى مختلف مراحلها بالقتدم الإقتصادي والصناعي، والإلمام ثوابت تكوين المجتمع الناجح، وقد شهدت هذه الحضارة نمواً سريعاً فى التكوين المجتمعي والسياسي مما أدى إلى نشأة العديد من الأقاليم الكبيرة المنظمة المتقدمة فى مصر القديمة فى تلك الحقبة الزمنية، وفى نهاية مطافها فقد أدت تلك الحضارة إلى تكوين الوحدة بين شطرى البلاد، بين صعيد مصر ودلتا نيلها، أو بين الوجه القبلي والوجه البحرى.

تالريخ حضارة نقادة الأولى (من حوالى 4500 حتى 3500 قبل الميلاد)
إن حضارة نقادة الأولى لهى أطول حضارات نقادة من حيث الفترة الزمنية، اذ استمرت هذه الحضارة منذ حوالى عام 4500 قبل الميلاد إلى عام 3500 قبل الميلاد، وقد جرت أحداث تلك افترة الزمنية فى المنطقة الواقعة ما بين الأقصر وأبيدوس، وتلك الحضارة هى التى تلت حضارة البدارى وإن رأى البعض بأنها قد سايرت حضارة البدارى فترة من الزمان وتفوقت عليها بعد ذلك واحتلت مكان الصدارة.
إن المتتبع لتاريخ تلك الحضارة ليجد بأنها قد نمت وتطورت فى المنطقة الواقعة بين الجندل الأول للنيل جنوباً إلى منطقة أسيوط شمالاً، وهناك من يقترح بأنها هذه الحضارة قد امتدت نحو الشمال حتى وصلت إلى مدينة الفيوم.

مساكن  حضارة نقادة الأولى:
إن مساكن أهل تلك الحضارة كانت بسيطة، إذ كانت المساكن تشيد من أغصان الأشجار والتى كانت تتم تكسيتها بالطين.

مقابر أهل حضارة نقادة الأولى:
إن أهل تلك الحضارة كانوا يدفنون موتاهم فى حفرة ذات شكل بيضاوى، وكانت هذه الحفرة قليلة العمق، وكان يتم دفن المتوفى فى وضع القرفصاء، وفى بعض الأحيان كان يُلف المتوفى بجلد الماعز.

مظاهر تقدم حضارة نقادة:

هذا وقد شهدت حضارة نقادة الأولى تحسن فى صناعة الأدوات الحجرية قليلة العمق وتطور تقنيات حرق الفخار، كما كان فخار نقادة الأولى يتميز باحمراره وكان يتميز بوجود نقوش هندسية عليه، ومع مرور الوقت وبدأ التحول التدريجي من حضارة نقادة الأولى إلى حضارة نقادة الثانية حوالى عام 3500 قبل الميلاد، فإن صناعة الأوانى الحجرية قد ازدادت تأنقاً وجمالاً وروعة، كما بدأ إنسان تلك المرحلة بتزين الأوانى الفخارية برسوم الحيوان والنبات والإنسان.


مظاهر تقدم حضارة نقادة الأولى فى الفن والخزف:
كان أهل حضارة نقادة الأولى متميزون جداً فى صناعة الخزف، فقد كان يتميز خزف هذه الحقبة التاريخية بإحمرار اللون وزخرفته بأشكال هندسية بديعة، وفى بعض الأحيان تُطلى فوهات القوارير المصنعة باللون الأسود، وكانوا يمثلون على منتجاتهم مناظر مختلفة تمثل الصيد أو القتال أو حتى مشاهد دينية تمثل عباداتهم، وأما عن الرسومات التى تمثل البشر فقد كانت قليلة للغاية خلال تلك الحقبة الزمنية.
كما كانت تلك المرحلة متقدمة للغاية فى صناعة التشكيلات الخزفية القمعية الشكل والتى تطورت فيما بعد لتستخدم فى صناعة الأوانى والقوارير، وكانت كل تلك المنتجات عمل يديوي خالص مما أكسبه طابعه الخاص المميز، وبمرور الوقت والزمان فقد بدأ تمثيل الإنسان على هذه المنتجات فى التزايد، ومن بين أشكال الإنسان الممثلة على تلك المنتجات أشكال لأشخاص من ذوات الذقون، وذلك فى شكل عصى منحوتة فى سن الفيل، كما مثلت النساء بشكل كبير، حيث وجدت ثلاثة من التماثيل الفريدة ولكنها تماثيل تعود إلى عصر حضارة البدارى، هذا وقد عثر على آثار حضارة تسمى العمرة ولكن اتضح فيما بعد أنها هى نفسها حضارة نقادة الأولى.

حضارة نقادة الثانية (حوالى 3500  إلى 3200 قبل الميلاد):
وبالتحول التدريجي فى نط الحياة ومظاهر الرقي والتقدم ومظاهر الحياة الإجتماعية نتحول من حضارة نقادة الأولى إلى حضارة نقادة الثانية، والتى يطلق عليها أيضاً اسم حضارة جرزة.

مظاهر تقدم حضارة نقادة الثانية:
تتميز هذه الفترة التاريخية الهامة بمظاهر حضارية متقدمة من حيث التطور السريع فى الخبرة والمعرفة فى الصناعة، فمنذ أواسط الألفية الرابعة ما قبل الميلاد، نجد مظاهر جديدة من التقدم فى صناعة الأوانى، فقد بدأت الأوانى الحجرية فى الظهور، وهو نمط جديد فى صناعة الأداوانى ولكن هذا لا يعني ادثار الأوانى الفخارية، فقد استمرت هى الأخرى فى التقدم، ومن أهم مظاهر التقدم فى تلك الحقبة الزمنية هو بدأ استخدام المعادن وتشكيلها وصناعة الأوانى والقوارير منها، كانت المنطقة الحاوية لمظاهر هذا التقدم هي مدينة "نخن" والتى تقع ما بين "إسنا وادفو"، إذ بدء بناء أفران خاصة لتحضير المعادن وكانت ذات شكل مربع إلى جانب وجود عدد من الأفران ذات شكل مستدير.
ومن أهم المظاهر الحضارية التى يجب ملاحظتها فى تلك الفترة هو ظهور المفكرون والإداريون بحيث يمكن القول بأن نخن كانت تعد بمثابة "مركز للحكم والإدارة"، وهي بذلك كانت بذرة لتكيون المملكة فى بعد والتى نشأت بها، كما تميزت حضارة نقادة الثانية بأنها أرست قواعد الحضارة الزراعية، كما أنها أخذت على عاتقها مهمة تطوير الصناعات الحجرية والمعدنية، وتوسعت فى استخدام النحاس فى صناعة الأدوات.
هذا وقد تم استخدام بعض الخامات غير المحلية مثل اللازورد، وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على مظهر جديد من مظاهر الحضارة الإنسانية وهو وجود صلات تجارية وثقافية ما بين مصر وبعض البلدان الأخرى فى منطقة أسيا، إذ كان اللازورد موجوداً فى بلدان بعينها مثل إيران وأفغانستان حالياً.

مساكن ومقابر حضارة نقادة الثانية:
أما عن مساكن حضارة أهل نقادة الثانية، فمن الملاحظ أنها قد تطورت نسبياً قياساً بحضارة نقادة الأولى، فكانت المساكن مستطيلة وتبنى من الطوب اللبن، أما عن مقاربهم فقد كانت هي الأخرى أكثر تطوراً، إذ تم تحديد جوانب الحفرة البيضاوية وتقويتها، إذ كانت الحفرة تكسى من البوص والطمى والحصير. كما عرف أهل تلك الحضارة الطوب اللبن، فبدؤا فى استخدامه، حيث كان يستخدم لتدعيم جدران القبور، وفى بعض المقابر، نجد أن المقبرة لم تقتصر على حفرة الدفن، وإنما كان يحلق بها عدد من الحجرات الصغيرة التى كانت مخصصة لحفظ الأوانى والأثاث الجنزى، هذا وقد نهجت حضارة نقادة الثانية نهج حضارت ما قبل الأسرات من حيث دفن الموتى، إذ كان الميت يدفن فى الوضع منثنياً، وكانوا يضعون مع المتوفى الطعام والشراب والمتاع فى قبره ظناً منهم أنه سوف يستخدم تلك الأشياء فى حياته الأخرى تبعاً للمعتقد المصري القديم فى عقيدة البعث والخلود.

مظاهر تقدم حضارة نقادة الثانية فى الخزف:
بدأت صناعة الخزف التى كانت فى قمة ازدهارها فى عصر نقادة الأولى بدأت تلك الصناعة فى الإندثار، وظهر بدلاً منها الأطباق والأكواب وزهريات الزينة المصنوعة من الطفلة المخلوطة، وكانت تلك المادة تتميز بأن تشكيلها أصعب من تشيل الطفلة النيلية، ولكن كانت لها نتائج مبهرة، إذ كانت تصنع منها أوعية صلبة صالحة لحفظ المواد الغذائية لفترات طويلة، كما تم صنع أوانى ذات شكل مستدير، وكانت تتميز بوجود رسوم وأشكال هندسية بديعة، كما ازدهرت الأوانى المزخرفة بأشكال نباتية وحيوانية، كما عثر على أوانى من تلك الحقبة عليها رسومات مراكب ذات مظلات وأهمدة عليها أعلام ونقوش تعبر عن بعض المقدسات.


حضارة نقادة الثالثة (حوالى 3200 إلى 300 قبل الميلاد)
وبمرور الزمان وتغير الإنسان وتحول الظروف الإجتماعية والمظاهر الحضارة، نجد أن حضارة نقادة الثالثة قد بدأت فى الظهور، وتميز الحقبة الزمنية لفترة نقادة الثالثة بعدة مميزات منها، تطور طريقة تجهيز الموتى وعلى الأخص أفراد الطبقة العليا، إذ زادت عدد غرف المقبرة إلى غرفتين، وكانت توضح بهما جثة الشخص التى تم تحنيظها، كما كان يوضع معه العام والشراب والآثاث كما فعل أهل حضارتى نقادة الأولى والثانية.
وفى تلك الحقبة الزمنية، فقد تم استخدام النحاس على أوسع نطاق له، كما تم إتقان الصناعات الفخارية بشكل كامل، وكان يتم زخرفتها بأشكال تمثل الإنسان والحيوان والنبات، كما كانت القوارير تزين بأشكال القوارب، وفى تلك افترة الزمنية بدأت مدينة بوتو فى دلتاه مصر فى الظهور والنمو والتقدم. ومن الأشياء التى تسترعى الإنتباه هو ظهور مبادئ الكتابات الهيروغلفية على الأوانى والمنتجات الفخارية فى تلك الفترة، إذاناً بإنتهاء فترة طويلة من الإعداد والتحضير لحضارة عظسمة ستعود العالم القديم كله ويتمنى العالم كله لو أن يكون قطعة من أرض المحروسة.






تعليقات
لايوجد تعليق