مدينة الإسكندرية:
يفتح البحر المتوسط ذراعيه يحتضن عروسه
الخالدة الإسكندرية وهي تختال وتنكسر أمواجه على صخورها، الدنيا كلها تشهد على ذلك
العروس الذى عقده التاريخ منذ 2330 عاما عرسا مهيبا معطرا بعبق التاريخ ينعقد فخره
بلواء الإسكندر الأكبر، كان التاريخ أيامئذ ينظر ويسجل خروج الإسكندر من مقدونيا
يقود جيوشه الظافرة لتتهاوي ممالك الفرس وبلدان الشرق تحت سنابك خيول الإسكندر
محرزاً النصر العظيم على الفرس – القوة العظمي في الشرق – في موقعة أسوس في أكتوبر/نوفمبر
عام 333 ق.م ويتربع على عرش العالم القديم بعد هزيمة جيوش دارا هزيمة قاسية انسحب
على أثرها إلى عقر دراه في بلاد فارس.
بعد ذلك آثر الإسكندر أن يتجه صوب مصر بعد سقوط آسيا الصغري وبلاد الشام في يديه وهدفه من الإبحار صوب مصر تأمين ظهر جيشه من خطر الأسطول الفارسي القابع على مقربة من سواحل مصر الشمالية في البحر المتوسط وضمان الحصول على القمح اللازم لبلاد اليونان ولأفراد جيشه، ويصل الإسكندر إلى بلوزيوم (بالوظة الحالية) في شمال سيناء ومنها إلى منف (ميت رهسنة الحالية) وتصبح مصر كلها في قبضته بعد أن سلمها له الوالى الفارسي مازاكس وأهلها يظهرون له الود والترحيب وهو يقابل ذلك منهم بإظهار التوقير والإحترام لآلهتهم وشعائرهم ويتم تنصيبه فرعونا على الطريقة المصرية، ويزمع الإسكندر الرحيل إلى الغرب لزيارة معبد الإله آمون إله مصر الأعظم في سيوة، ويخوض غمار رحلة طويلة شاقة عبر دروب الصحراء لتقديم القرابين لهذا الإله حيث اعتبره كهنة هذا المعبد ابنا لآمون مما قوى من مركزه عند المصريين.
بداية الفكرة:
في الطريق على ساحل البحر المتوسط
يسترعي انتباه الإسكندر بقعة من اليابسة تفصل البحر المتوسط عن بحيرة مريوط ويفكر
الاسكندر مليا في تلك البقعة ذات المواصفات العجيبة التي تصلح لإنشاء مدينة حلمه
الكبير على أحدث الطرق في ذلك الوقت حيث تتميز بما يلي:
1- إمكان وصول مياة الشرب العذبة من النيل
عن طريق الفرع الكانوبي.
2- وجود جزيرة صغيرة في مواجهة تلك البقعة
لا تبعد عنها أكثر من ميل واحد مما يمكن من وصلهما معا.
3- تعتبر هذه الجزيرة جبهة دفاعية أمامية
للمدينة.
4- وجود بحيرة مريوط جنوب هذه اليابسة يشكل
تحصينا دفاعيا من ناحية الجنوب
5- جفاف المنطقة، وبعد الموقع عن التأثر
بطمي النيل حيث يتم طرده بواسطة التيارات البحرية في البحر المتوسط المتجهة ناحية
الشرق.
6- ارتفاع موضع الإسكندرية عن مستوى الدلتا
مما يحفظها من الغرق اثناء فيضان النيل.
7- وجود قرية تسمي راكوتيس (راقودة) التي كانت
مأهولة بالسكان الذين يعملون بالصيد، وتكون نواة للمدينة الجديدة.
8- أن تصبح الإسكندرية ميناءاً عاملنياَ
يخدم التجارة الدولية في المنطقة خاصة بعد أن دمر الإسكندر ميناء صور وهو في طريقه
إلى مصر.
ولعل عبقرية المكان في
الإسكندرية قد أوحت لفارسها المقدوني أن يؤسس مدينة يتحاكي بها الزمان وتتفاعل على أرضها الحضاراتان الإغريقية والمصرية، فأضفي الإسكندر بعبقريته الفذة – إضافة إلى
عبقرية المكان – طرازاً متفرداً لهذه المدينة حيث أكدت الشواهد التاريخية فيما بعد
صحة هذا الاعتقاد، وعليه فقد أقنعت هذه
المواصفات الإسكندر بضرورة إنشاء مدينة في هذا الموقع تحمل اسمه وتخلد ذكره عبر
الزمان، ومن هنا اختمرت الفكرة في ذهن الإسكندر وأراد تحقيقها على وجه السرعة فعهد
إلى مهندسه اليوناني الشهير دينوقراطيس بتخطيط هذه المدينة الجديدة.
إرسال تعليق