بقلم/ عماد حمدي
اسم الآثر/ مدرسة وقبة وبيمارستان السلطان قلاوون
موقعه / (683 ـ 684هـ/1284 ـ 1285م)
رقم تسجيله / 43
موقع الأثر / منطقة النحاسين بشارع المعز لدين الله الفاطمي
الموقع :-
تقع هذه المجموعة
بشارع المعز لدين الله (النحاسين) وقد أقيمت على رقعة من أرض القصر الفاطمي الصغير
الغربي،
وتقع المجموعة فى الجانب الغربي من الشارع
وقد تم الفصل بين المدرسة والضريح عن طريق ممر يؤدى مباشرة إلى البيمارستان
فى الخلف.
أنشأ الملك المنصور قلاوون، وقد تولى الملك المنصور قلاوون حكم مصر فى الفترة ما بين (1277ـ1290م)، وهو الملك المنصور سيف الدين قلاوون الألفى العلائي أصله من مماليك الصالح نجم الدين أيوب ولذلك عرف بالصالحي النجمي وكان شهماً بطلاً منصوراً فى حروبه وله محاربات ووقائع كثيرة مع التتار وغيرهم انتصر فيها فعظمت هيبته وامتدت شوكته، فافتتح بعض البلاد وهادنه بعض الملوك، وفى آيامه حدثت عمارات كثيرة وكان له آثار فاخرة منها المدرسة والقبة المنصورية والمارستان، وقد دخل فى عمارة هذه المباني كثير من أعمدة قلعة الروضة ورخامها، وقد حمد له مؤرخو عصره لينه وحلمه وعدله، ولكنه كان يقسو ويغدر أحياناً عندما تدعوه المصلحة، هذا وفى عام (689هـ/1277م) توفى الملك المنصور قلاوون عن عمر ناهز سبعين عاما.ً
نبذة عن عمارتها:
تتكون العمارة الخارجية لهذه المجموعة
الأثرية من واجهة واحدة فى الناحية الجنوبية الشرقية على شارع المعز لدين الله
تنقسم إلى قسمين يبرز أحدهما عن سمت الآخر يضم الأيمن _ الذي يمثل واجهة الضريح ـ
ثمان دخلات بكل منها _ فيما عدا الدخلتين أسفل المئذنة _ ثلاثة شبابيك فوق بعضها،
تتكون السفلية من مستطيلات مغشاة بمصبعات برونزية، وتتكون الوسطى من مستطيلات أخرى
مغشاة بالجص المعشق بالزجاج الملون أيضاً، ويقطع هذه الواجهة بطولها فوق مستوى
الشبابيك السفلية شريط مستعرض من الكتابات التأسيسية بخط النسخ المملوكي الكلبير
تتخلله فواصل زخرفية كثيرة نصه اختصاراً.
"بسم الله الرحمن الرحيم أمر بإنشاء
هذه القبة الشريفة والمدرسة المعظمة والبيمارستان المبارك تقرباً إلى الله سبحانه
وتعالى سيدنا ومولانا السلطان الأعظم الملك المنصور العالم العادل المؤيد المظفر
المجاهد المنصور سيف الدنيا والدين سلطان الإسلام والمسلمين سيد الملوك والسلاطين
سلطان الأرض ذات الطول والعرض ملك البرين والبحرين ملك ملوك العرب والعجم صاحب
القبلتين وخادم الحرمين الشريفين قلاوون قسيم أمير المؤمنين أدام الله نصره وأعز أنصاره
وأعلا مناره وضاعف أقداره" وكان
ابتداء عمارة ذلك فى ربيع الآخر سنة ثلاث وثمانين وستمائة والفراغ منه فى جمادي
الأولى سنة أربع وثمانين وستمائة للهجرة النبوية ".
أما الجانب الأيسر من هذه الواجهة فهو يمثل
واجهة المدرسة ويضم ـ فيما عدا الطابقين الأول والثاني من الحنية الوسطي المشتملة
على المحراب ـ ثلاثة شبابيك فوق بعضها تماثل شبابيك القسم الأيمن، وقد أنشأ الناصر
محمد بن قلاوون على جزء من هذه الواجهة سبيلاً صغيراً كانت له قبة صغيرة لا تزال
رقبتها المغشاة ببلاطات القاشاني موجودة حتى اليوم .
العمارة الداخلية:
أما عمارتها الداخلية فتبدأ بمدخل يتوسط
الضريح والمدرسة عبارة عن كتلة بنائية ضخمة ترتد إلى الداخل قليلاً كان يتقدمها
سلم صاعد بمطلعين يكتنفهما زوج من الأعمدة الضخمة لكل منها تاج كورنثي بعلوها عقد
حدودى من صنجات معشة بالرخام الأبلق حليت كوشتيه بزخارف هندسية متقاطعة على شكل
ميمات، ويغلق على فتحة هذا المدخل مصراع خشبي ضخم مغشي برقائق برونزية ذات زخارف
نجمية وحليات بارزة، تعلوه قنديلية بسيطة ذات فتحتين سفليتين معقودتين ترتكزان على
ثلاثة أعمدة حلزونية فوقهما قمرية دائرية غشيت بزخارف معدنية من أوراق العنب
وفروعه، بينما يشغل الجزء العلوى من هذا المدخل حنية نصف دائرية تتوسطها ثلاثة
شبابيك مستطيلة تعلوها قمرية كانت تطل على ممر علوى فوقه دهليز كبير تفتح عليه
خلوات الطلبة الدارسين بالمدرسة .
ويفضى المدخل المشار إليه إلى دهليز ضخم
يكتنفه عن يمين ويسار ست أزواج من الحنايا الضخمة المعقودة تفتح شبابيك اليمني
منها على الضريح، وتفتح شبابيك اليسرى على المدرسة وخلوات الطلبة ويغطي هذا
الدهليز سقف عبارة عن براطيم خشبية تحصر فيما بينها مربوعات مزخرفة بالتذهيب
والألوان، ويوجد بهذا الدهليز خمسة أبواب أحدها فى صدره يتوصل منه إلى البيمارستان
واثنان على يمينه يؤديان إلى الضريح واثنان على يساره يؤديان إلى المدرسة .
القبة الضريحية:
وتتكون العمارة الداخلية للضريح من حجرة شبه
مربعة ذات حوائط سفلية بها حنايا معقودة مدعمة بأعمدة مدمجة تتوسطها أربع دعامات
تشكل تخطيطاً مثمناً ترتكز عليه رقبة القبة، وقد بنيت هذه الدعامات من الآجر
المكسي بالرخام، بينما عملت الأعمدة من جرانيت وردي يبلغ ارتفاع كل منها سبعة
أمتار تعلوها تيجان كورنثية فوقها مخدات خشبية حتى تتوازى في ارتفاعها مع ارتفاع
الدعامات المبنية، وفوق هذه الدعامات والأعمدة ثمانية عقود ترتكز عليها رقبة
القبة، كما توجد ثمانية عقود أخرى عمودية على الجدران الداخلية مع مربع القبة
(بواقع اثنين فى كل جهة)، ويربط بين الأعمدة الودعامات المشار اليها روابط خشبية
وبراطيم مغشاة بالتذهيب والألوان.
ويبلغ ارتفاع السقف الذي يغطي مربع القبة حوالى
خمسة عشر متراً تبرز من وسطه رقبة مثمنة بمقدار سبعة أمتار ويتوسط الجدار الجنوبي
الشرقي لهذا الضريح محراب مجوف ارتفاعه سبعة أمتار يتميز بفخامته وثراء زخارفه،
وهو عبارة عن حنية نصف دائرية تكتنفها ثلاثة أزواج من الأعمدة الضخمة عليها عقود
حدوية زخرفت كوشاتها بفسيفساء من الرخام والصدف بينما زخرفت حنية المحراب بصفوف من
المحاريب الصغيرة المحمولة على عمد زخرفية رشيقة، وبالضلع الشمالي الغربي فتحة
توصل إلى فناء يتقدم الشريح عبارة عن مستطيل به أربعة أعمدة من الجرانيت الوردى
الملون أقيمت عليها عقود حاملة عليها قباب ضحلة ترتكز على مثلثات كروية، في حين
سقف الجزء الشمالي الغربي من الفناء بقبو مدبب وترك الجزء الذى أمام مدخل الضريح
مكشوفاً، لأنه كانت تتوسطه كما يقول المقريزي فسقية ماء، وتتوسط أرضية هذا الضريح
تربة مغطاة بتركيبة خشبية عليها كتابات بالخط الكوفي، وقد دفن بهذه التربة المنصور
قلاوون وابنه الناصر محمد وحفيده علاء الدين إسماعيل، وتحيط هذه التركيبة مقصورة
خشبية حليت بنقوش وكتابات ترجع إلى عصر الناصر محمد بن قلاوون .
المدرسة:
أما المدرسة فهي تتكون من صحن مكشوف عبارة
عن مساحة مستطيلة غير مسقوفة بالضلع الشمالي الشرقي منها حجرات صغيرة كانت تمثل
خلوات للطبلة الدارسين يعلوها طابقان آخران كان يتوصل إليهما عن طريق سلم بالزاوية
الشمالية من هذا الصحن، كما يوجد طابق علوي فوق الدهليز الكبير كان يتقدم الخلوات
العلوية، ويكتنف هذا الصحن إيوانان أحدهما فى الناحية الجنوبية الشرقية عبارة عن
مستطيل تنقسم إلى ثلاثة أساكيب أوسعها أوسطها تسير عقودها عمودية على جدار القبلة
وهي نصف دائرية ممتدة محمولة على عمد من الجرانيت الوردي لها تيجان كورنثية تعلوها
مخدات خشبية ترتكز عليها أرجل العقود التى تدعمها روابط خشبية، ومن الجدير بالذكر
أن سقف هذا الإيوان المسطح ليس من عصر الإنشاء لأنه يرجع إلى القرن التاسع عشر.
وقد قام العالم الفرنسي ماكس هرتس بعمل تصور معماري لهذا السقف وقت إنشائه مؤداه
أن الأسكوب الأوسط منه كان مغطى بقبو مدبب في حين غطي الأسكوبين الجانبين بأقبية
متقاطعة من الآجر المكسي بطبقة من الجص، ويتصدر الجدار الجنوبي الشرقي لهذا
الإيوان محراب صغير نسبياً بالقياس إلى محراب الضريح عبارة عن حنية نصف دائرية
يكتنفها عمودان زخرفت بصفوف من محاريب صفيرة تعلوها قندليات مركبة من الجص المعشق
بالزجاج الملون، والآخر فى الناحية الشمالية الغربية.
وهو عبارة عن مستطيل فقدت واجهته
المعقودة وكذلك يقفه الأصلي، على يمينه ـ مطلاً على الصحن ـ فتحة باب كانت تؤدى
إلى ممر منكسر يوصل إلى دهليز كبير به سلم يفضى إلى خلوات الطلبة، وعلى يساره ـ
مطلاً على الصحن أيضاً ـ باب يؤدي إلى منطقة فضاء بها ميضأة حديثة ملحق بها عدد من
دورات المياة، وكان بهذه المنطقة سلم يوصل إلى الخلوات العلوية بالجهة الجنوبية
الغربية من الصحن وبالناصية الجنوبية الغربية لهذا الصحن قاعة كبيرة لتلاوة القرآن
الكريم على واجهتها ثلاثة عقود كانت مشغوله بخلوت الطلبة الدارسين إلا أن الوالى
عبد الحرمن كتخدا كان قد هدم هذه الخلوات وأقام مكانها هذه القاعة سنة (1174هـ) .
المئذنة:
وقد التحق بهذه المجموعة المعمارية الهامة
فى الطرف الشرقي من واجهة الضريح المطلة على شارع المعز، مئذنة تتكون من ثلاث
دورات أولها وثانيها ذواتي بدنين مربعين، أما ثالثها فذات بدن اسطواني، وتتوج هذه
المئذنة قبة ليست من عصر الإنشاء لأن الناصر محمد بن قلاوون كان قد قام سنة
(703هـ) بإعادة بناء هذه المئذنة بعد أن سقطت إثر الزلزال الذيس حدث عام (702هـ)
وقد زينت عقود الدورتين الأولى والثانية لهذه المئذنة بزخارف ذات الأشكال الحدوية
بكرانيش مقرنصة، أما الدورة الثالثة فقد زخرفت بعدد من العقود ذات الزخارف
البارزة، وفوق باب القبة الداخلى يوجد نص كتابي بخط النسخ المملوكي يقول :
"أمر بإنشاء هذه القبة الشريفة المعظمة
مولانا السلطان الأعظم الملك المنصور سيف الدنيا والدين قلاوون الصالحي قسيم أمير
المؤمنين أدام الله أيامه وحرس أنعامه ونشر فى الخافقين ألويته وأعلامه، وكان
ابتداء عمارتها فى شوال سنة ثلاثة وثمانين وستمائة والفراغ منها في صفر سنة أربع وثمانين
وستمائة للهجرة النبوية المحمدية الشريفة " .
وعلى بدن المئذنة نص ثان يقول :
"بسم الله الرحمن الرحيم اللهم جدد
الرحمة والرضوان على روح الملك المنصور رحمه الله، أمر بتجديد هذه المئذنة في أيام
والده مولانا السلطان الملك الناصر محمد وذلك عند ظهور الآيات المنزلة وسقوط
أعاليها عند حدوث الزلزلة في شهور ينة ثلاث وسبعمائة من الهجرة المحمدية على
صاحبها الصلاة والسلام "
بينما نجد على التركيبة الخشبية للضريح
بقايا كتابات تقول:
"....... الدنيا والدين قلاوون الصالحي
سلطان الإسلام والمسلمين قدس الله روحه ونور ضريحه انتقل إلى رحمة الله تعالى
......"
والآن مع صور المجموعة:
إرسال تعليق