بقلم / عماد حمدي
مشهد الجيوشي |
شهد العصر الفاطمي إقامة الكثير من المدافن ذي القباب لا سيما فوق قبور آل
البيت وقد أطلق عليها اسم المشاهد([1])،
ولقد ظهر في هذ العصر فقط ما عرف بالمشهد، وهو عبارة عن مدفن يتكون الجزء الشرقي
منه من ثلاث حجرات: الوسطى مغطاة بقبة وبها المدفن "والتركيبة"
والحجرتين الجانبيتين مغطيتين بقبو أو بسقف مستو، هذا وغالباً ما يحتوى المشهد على
صحن صغير(2)، ونلاحظ فى تصميم هذه المشاهد استخداماً جديداً للقبة التي كانت تبنى حتى
ذلك العصر لكى تعلو محاريب الصلاة في الجوامع، وإذا بها تبنى فوق المشاهد
والأضرحة، ومنذ العصر الفاطمي حتى الفتح العثماني لمصر أصبحت القبة هي المظهر
الخارجي لكل ما يشيد من مشاهد وأضرحة([3])،
ومن أهم أمثلة مشاهد هذا العصر مشهد (مسجد) الجيوشى (478ه/1085م)، ومشهد اسوان
(496-504ه/1100-1110م) ، ومشهد الخضرة الشريفة (501ه/1107-1108م) (شكل
18) ومشهد السيدة رقية (527ه/1133م)([4]) .
هذا وقد أهتم الخلفاء الفاطميون ووزرائهم بهذه
المشاهد وتولوها بعنايتهم واهتمامهم سواء بالبناء أو التجديد أو الحضور إليها
والتصدق عندها بالأموال الجزيلة، ويبدو أن اهتمام الشيعة بهذه المشاهد ربما يرجع
إلى أنهم أرادوا أن يجعلوا من مصر مشهداً ومزاراً يفد إليه الشيعة من كل صوت لأنهم
أرادوا أن يجعلوا من مصر مركزاَ شيعياَ كبيراَ، ولكن الشعب المصري تمسك بسنيته ولم
يتشيع قط([5])،
هذا وقد تم إلحاق المدفن ذو القبة ببعض المنشآت الدينية مثل المساجد والمشاهد، إذ
الحق بمشهد الجيوشى بالجهة الشمالية الشرقية مدفن ذو قبة يرجع تاريخ بناؤه إلى نفس
العام الذى أنشئ فيه المشهد (478ه/1085م)، كذلك الحق ببعض مساجد القرافة مدافن لأصحابها
ومنها مسجد ومدفن الصالح طلائع بن رزيك ومسجد ومدفن تاج الملوك أبو الهيجاء ومسجد
ومدفن الأمير لؤلؤ الحاجب بالقرافة الصغرى([6]).
([1]) اختلف الأثريون بشأن تسمية هذه المدافن بالمشاهد فمنهم من ذكر أن
إطلاق لفظة المشهد على تلك المدافن ترجع لنظرة الفاطميين لائمتهم وعظمائهم فقد
كانوا يرون أنهم استشهدوا في سبيل نصرة مبادئهم ومن ثم استحقوا درجة الشهادة ومن
هنا جاء إطلاق لفظة المشهد على تلك المدافن فالمشهد في نظرهم هو مكان الشهيد،
ومنهم من ذكر أن المشهد هو مقبرة القديس. للمزيد انظر، محمد حمزة إسماعيل الحداد:
القباب في العمارة الإسلامية، ص43-48.
إرسال تعليق